٦ نصائح للنجاح في بيع منتجاتك عبر الانترنت

February 11th, 2018 ٦ نصائح للنجاح في بيع منتجاتك عبر الانترنت

ظهرت التجارة ۔ أي تبادل السلع والخدمات ۔ منذ ظهور الإنسان. إذ تقص كتب التاريخ قصص الحروب والاستعمار والهجرات التي تعود كلها لسبب واحد ألا وهو رغبة البعض في امتلاك ما يعوزهم وما يملكه غيرهم، أكانت أراضي خصبة، مهارات يدوية أو العيش الكريم الذي يدفع من أجله المهاجرون الغالي والنفيس.

التجارة الدولية اليوم هي عملية معقدة ومتطورة إن قارناها بما كانت عليه في العصور القديمة النبطيين أو الفينيقيين. ففي تلك الحقب، لم يكن للبنوك المركزية وتأشيرات السفر أثر ولم تكن المنافسة على الإنتاج الوطني بالحدة التي هي عليها اليوم!

التصدير اليوم عملية معقدة تتوقف على العديد من المتغيرات. فعلى سبيل المثال، أثر تراجع قيمة الدينار التونسي على جهود المحافظة على الحرف اليدوية التقليدية التونسية. فما العلاقة بينهما؟ لتونس حرف يدوية ذو جودة عالية ولكن معظم المواد الأولية المستخدمة فيها موردة، فتراجع قيمة الدينار جعل أسعار هذه المواد باهظة بشكل صعب على الحرفيين به اقتناؤها، زيدي على ذلك تراجع قطاع السياحة منذ ثورة عام 2011، كلها عوامل جعلت الحرفيين اليوم يبذلون جهودا قصوى لا لشيء بل للحفاظ على ورشهم، حتى أن بعض الصاغة يفضلون تحويل محلاتهم لمطاعم صغيره أو بيعها وامتهان سياقة سيارات الأجرة. نفهم مما سبق إذاً أهمية التصدير الذي قد يكون أنجع وسيلة للحفاظ على الخبرات الوطنية في الحرف التقليدية وللتكيف مع تقلص الطلب في السوق المحلي.

التصدير مهم للدول؛ فكحال الأسر عامة التي لا يمكنها إنفاق أكثر مما تنتجه أو تقبضه، الدول أيضا ملزمة بالبيع بقدر ما تشتري، حتى تحافظ على توازن ميزانيتها وتحمي سيادتها. وبفضل الإنترنت، بات التصدير اليوم متاحاً أمام جميع الشركات بغض النظر عن حجمها، فلنا جميعا ۔ نحن معشر رواد الأعمال ۔ خدمة أو منتجاً يمكننا بيعه في العالم المتصل. التصدير يمنحنا فرصة المساهمة في اقتصادنا الوطني حتى وإن كانت تلك المساهمة ضئيلة.

غيرت السوق الإلكترونية تماما وسائل وطرق التصدير. كما خلقت الأسواق الإلكترونية على الإنترنت فرص عمل عديدة للشباب في مجالات التكنولوجيا أو الترجمة أو المجالات الإبداعية حيث يجدون فيها حاجتهم وفضاء يعرضون فيه خبراتهم وخدماتهم. كما غيرت قطاع السياحة الذي بات مفتوحا أمام كل من كان له غرفة إضافية يطرحها للكراء وكان يهوى التواصل على الشبكة. السوق الإلكترونية فتحت نشاط التصدير أمام الجميع وهم في منازلهم.

فإن استهوتك فكرة التصدير، فيما يلي بعض النصائح التي قد تساعدك في مواجهة جيش الشراة من جميع أنحاء العالم!

١. كوني ملمة بالأرقام
قبل البدء، عليك الإلمام ببعض المعلومات الهامة لضمان النجاح في مجال التصدير. قد تنجحي بتعلم الأشياء بالخبرة، كما كان الحال معي، ولكن وبفضل خبرتي يمكنني القول بأن الإلمام بالمعلومات المفيدة ليس بالأمر الصعب وقد يوفر لك الوقت والمال ويمكنك من تقليل المخاطر واكتساب ثقة الزبائن بشكل أسرع!

فالنجاح في مجال التصدير يتوقف على إلمامك ببعض الأرقام ومنها: التكلفة والأرباح ووقت الإنتاج.

فقد تتلقي رسالة إلكترونية من أحد الشراة المحتملين يطلب منك فيها تمتيعه بخصم على سعر الـ 100 قطعة التي طلبها منك كاختبار. وقد يكون هذا الطلب أول طلب هام وصلك من الزبون الذي تحلمين بالعمل معه. فتجدين نفسك مستعدةً لمنحه خصماً بـ 50% ووعداً بالتسليم في غضون شهر، فكل ما يهمك في هذه المرحلة النجاح في هذه الصفقة!

فإن لم تكوني ملمة بتكاليف الإنتاج أو بالوقت الذي تحتاجينه لإنتاج 100 قطعة، من شأن وعد كذاك الذي قطعتينه جعلك تتكبدين خسارة أو تفقدين سمعتك إن تأخرت عن تسليم المنتج في الآجال المحددة. للنجاح في مجال التصدير، من المهم مسك سجل للتدفقات النقدية لكل نفقاتك ومداخيلك حتى يتسنى لك فهم مسالك الأموال ومراقبة مرابيحك إن وجدت! ففهم أرقامك يمكنك من اقتراح خصومات بشكل ذكي أو رفض صفقة قد تجعلك تخسري زبائن أو أموال.

في مجال التصدير، يصعب نجاحك في الحصول على طلب إن لم تستطيعي تقدير وقت إنتاج منتجك، ما لم يكن لك مخزون منه. لا يمكنك تقدير وقت الإنتاج ما لم تكوني ملمة بالمعلومات الخاصة بالموردين والعمال والمواد الأولية وما لم تتقني عملية الإنتاج. عندها فقط سيكون بإمكانك قطع التزامات ومواعيد تسليم بشأن الطلبات الواردة.

قدرة الإنتاج رقم آخر هام في معادلة التصدير، وتعني عدد القطع التي يمكنك إنتاجها فعلاً أخذة بعين الاعتبار مساحة الإنتاج المتوفرة لك وأدوات الإنتاج، وقدرة فريق الإنتاج وإمكانياتك المالية الخاصة أو البنكية لشراء المواد الخام اللازمة لبدء الإنتاج. يمكنك بالطبع طلب دفع مسبق من قبل الزبون، ولكن لكل نشاط تجاري قيوده.

ينطبق ما سبق أيضًا على تصدير الخدمات. لنفترض أنك مترجمة تقترحين خدماتك على الشبكة، إن عرضت عليك ترجمة سيرة ذاتية من صفحة واحدة أو كتاباً كاملاً، فإن قدرتك الإنتاجية هامة، أي كم من الوقت تحتاجين لتسليم الترجمة المطلوبة، كما تعتمد أسعار الترجمة المقترحة أيضا على قدرتك الإنتاجية ونفقاتك الحياتية. فإن افتقرت للمعلومات الخاصة بقدرتك الإنتاجية، صار الالتزام بموعد تسليم واحتساب سعراً للترجمة خطراً على نشاطك التجاري.

٢. احصلي على معلومات من المصدرين والمصدرات المتمرسات 
إن لم يسبق لك وخضت مجال التصدير قد يبدو لك الأمر صعبا في البداية، من قوانين جمركية وإجراءات بنكية وأسئلة عديدة حول من يدفع رسوم الشحن وتأمينه وغيرها. بالفعل، التجارة الدولية عملية صعبة ولكن من غير الإجباري الإلمام بكامل المعلومات قبل الخوض فيها وإلا استحالت البداية، المهم هو أن تفهمي المنطق وراء عملية التصدير وأن تلمي بمصادر المعلومات حتى يمكنك الرجوع لها كلما اقتضت الحاجة بمكالمة هاتفية أو رسالة إلكترونية.

وكما هو الحال دائمًا، أفضل طريقة للحصول على المعلومات هي طلبها من المصدّرين المتمرسين وأفضل طريقة لملاقاتهم الانضمام إلى شبكات الأعمال أو غرف التجارة أو عبر وكالات تنمية الصادرات الوطنية، والتي عادة ما توفر ورش عمل أو تدريب أو استشارات مجانية للمصدرين الجدد.

كما قد تواجهك صعوبات في اختيار التعليب المناسب لمنتجك، لذا قومي ببعض الأبحاث بخصوص التعبئة والتغليف في بلدك قبل الانطلاق في عملية التصدير الأولى!

٣. كوني متواجدةً في العالم الرقمي
إن كنت جادة في خوضك مغامرة التصدير، وجب عليك بعث صفحة خاصة بك على شبكة الإنترنت وشراء اسم نطاق (domain name) حتى يتسنى للشراة المحتملين العثور عليك في محركات البحث! وقد يبدو لك شراء اسم نطاق وخلق موقع تجاري أمراً صعباً ومكلفاً ولكنه أسهل وأقل تكلفة من استئجار محل عرض وتوظيف عامل به!

اسم النطاق يفتح أمامك باب الاحتراف، فلما تستخدمي عنوان بريدك الإلكتروني الشخصي على مواقع Gmail أو Yahoo أو Hotmail في نشاطك التجاري يعطي ذلك للموردين انطباعا سيئاً فتبدين لهم هاوية مما يجعلهم يشكون في قدرتك الإنتاجية. ولكن، إن كان لك عنوان بريد إلكتروني كهذا: yourname@yourbusinessname.com فسيعتقد الناس أنك شركة مهمة، حتى وإن كنت تعملين من غرفتك في المنزل. شركتي Bluefish عمرها اليوم اثنا عشر عاما، ومنذ البداية كنت أعمل من منزلي أو من فضاءات العمل الجماعي، وحتى السنة الماضية كنت العاملة الوحيدة فيها. وللشركة موقع ويب وعنواني بريد إلكتروني مبرمجان مباشرة على حاسوبي المحمول. فقد تبدو شركتي شركة عالمية ولكن الحقيقة هي أنني أديرها من على طاولة المطبخ في منزلي!

ابدئي بشراء اسم نطاق، ثم قومي بإنشاء عنوانك الإلكتروني. ثم استثمري بعض الوقت في الإطلاع على مواقع الشركات المنافسة في بلدان أخرى والتي تعمل في نفس نشاطك التجاري. ركزي على كيفية تقديمهم لشركاتهم واختاري لنفسك تقديماً وقصة؛ فالناس تعشق القصص. قد تخص القصة أحد منتجاتك أو قد تروي حكاية بداياتك التجارية. وقد يتكون موقعك من صفحة أو صفحتين فقط، لا يهم، المهم هو أن يكون جذاباً وأن يروي قصة تجذب الناس لشركتك.

يوجد اليوم على الشبكة العديد من نماذج المواقع المجانية وجملة من الفيديوهات التعليمية على موقع YouTube تساعدك على بعث موقعك. فبإمكانك، إن كان لك الوقت، القيام بذلك بنفسك وإلا عيّني مصمماً شاباً لينتج لك موقع ويب يمثلك وخدماتك أو منتجك.

حتى وإن كان الموقع من صفحة واحدة فقط فبإمكانك ربطه بمواقع التواصل الاجتماعي على غرار Instagram أو Facebook. فمواقع التواصل الاجتماعي مواقع سهلة الاستخدام تساعدك على الترويج لشركتك بسهولة حتى أنه يمكنك الترويج لشركتك عبرها مستخدمةً هاتفك وأنت تشاهدين التلفاز مع عائلتك! ولكن حتى يكون تأثير المواقع الاجتماعية فعالاً؛ عليك أن تبقي الصفحة الخاصة بشركتك نشطة بنشر تحميلات بشكل منتظم. فمواقع التواصل الاجتماعي تعمل بنفس المبادئ التي تسوّس حياتنا: بقدر إنفاقك جهداً ووقتاً درّت عليك!

ليظهر موقع شركتك في نتائج محركات البحث يمكنك ربطه بمواقع التواصل الاجتماعي، وهي ليست الوسيلة الوحيدة، إذ يمكنك أيضا الانخراط في الشبكات المهنية وتسجيل موقعك في قاعدات بياناتها. تقوم الشبكة الوطنية للنساء صاحبات المشاريع، أو غيرها من الشبكات المهنية العاملة في مجال نشاط شركتك، بالترويج عادة لأعضائهم من خلال تقاسم معلومات الاتصال الخاصة بهم مما من شأنه زيادة فرص ظهورك على شبكة الإنترنت.

٤. استثمري في ذاتك
سافري لتغيير نظرتك للأشياء لا لرؤية أشياء جديدة. فالـ ” السفر” (بمعنى التحول أو التنقل) لسوق جديدة من شأنه مساعدتك على فهم احتياجات زبائنك المحتملين والتعرف على منافسيك الجدد وأسعارهم وطرقهم في الترويج لأنفسهم ومنتجاتهم واكتشاف قنوات بيع جديدة. زوري المعارض المهنية متى استطعت ذلك. لست مجبرة بأن تشاركي كعارض فيها منذ البداية فمن الأفضل أن تزوريها أولاً لتري كيف يروج منافسوك لأنفسهم وبضاعتهم وتتعرفي على نوع الزبائن الذين يزورون المعرض وتفكري في كل الوسائل التي من شأنها إنجاح مشاركتك فيه المرة القادمة. فالتفكير في كل ذلك مسبقا ليس فقط مهم بل هو مجدٍ كذلك!

فإن قررت المشاركة في معرض في الخارج، لا تتهوري وألمّي بالأرقام المذكورة سابقاً ونمّي حضورك على الشبكة وصممي بطاقة مهنية بها عنوان بريد إلكتروني مهني وبياناً مصوراً بمنتجاتك أولاً، فبدون ما سبق تضمحل فرصك في ترك انطباع جيد لدى الشراة المحتملين!

من المجدي كذلك الاستثمار في إرسال بعض النماذج لزبائن محتملين. كوني سخية مع زبائنك الأولين في عمليات التصدير إذ عليك تكوين نشاط تصدير متين ومستدام وأولئك الزبائن الأولون الذين يخاطرون باقتناء سلع من عندك يستحقون في المقابل معاملة تفاضلية ستمكنك من اكتساب الخبرة والمعرفة من تجاربك الأولى!

أما إن لم تقدري على تكاليف السفر، فزوري العالم من منزلك بفضل محركات البحث على الشبكة. فالإنترنت بحر من المعلومات قد تجدي فيه زبائن محتملين وتخاطبيهم مباشرة إلكترونياً لتقديم شركتك أو منتجاتك أو خدماتك. كما بالإنترنت أسواق إلكترونية كمواقع Esty وAirbnb وfreelancer.com، كما به مجتمع من الموردين يقدمون شتى أنواع الخدمات. وقد يكون طموحك أكبر من أن تعملي عبر سوق إلكترونية يشتري منها زوار من العالم بأسره، ولكن لا تنسي أن المهم هو البدء و أنه لا يوجد  ظهور مكثف سيء للشركات التي ترغب في النمو!

٥. ركزي على التجربة الإيجابية للزبائن
حتى ينجح المصدرون في تنمية نشاطهم، الإلمام بما سبق غير كاف. إذ لن يتعامل معك الزبون مجدداً ويقدم لك طلبا آخر إلا إذا كانت المعاملة بينكما جيدة. وحتى تكون المعاملة جيدة، عليك الإجابة على الرسائل الإلكترونية في أقصر الآجال، وإخبارهم بأي خلل في الانتاج حال وقوعه، وألا تترددي في طلب العفو أو التعبير عن الشكر كلما اقتضته الحاجة، وأن تبذلي قصارى جهدك حتى تُشعري مخاطبك بأنه زبون مهم، وأن تسعي دائما لتقديم خدمة أفضل. فإن نجحت في هذا نجحت في التحول من مجرد موردة لشريكة أعمال.

أن يكون لك أفضل المنتجات وأحسن الأسعار وموقع جميل لا يكفي لجعل الشراة يقتنون سلعك. عليك أن تجعلي زبائنك سعداء بالعمل معك، مع الإلمام بالتوصيات السابقة بالطبع، فهذه أفضل طريقة تجعلك تنمي نشاطك.

٦. أديري سمعتك الإلكترونية وضعي استراتيجية للرد على انطباعات زبائنك الايجابية والسلبية 
في بدايات الإنترنت، ركز التسويق على المعلومات التي تقدمها الشركات عن نفسها. أما اليوم فالعالم متصل ببعضه البعض، يتقاسم انطباعاته ونصائحه. فليس المهم اليوم ما تقولينه عن نفسك بل المهم هو ما يقوله الآخرون عنك! فعلى سبيل المثال، إن أردت حجز إقامة أو مطعم، تقترح عليك مواقع TripAdvisor وBooking.com معلومات أجدى من تلك التي تقدمها المواقع الخاصة بالنزل أو المطاعم، إذ تجدين فيها انطباعات الناس الذين زاروا تلك الأماكن قبلك على عكس المواقع الخاصة التي لا تعدو أن تكون وسيلة لأصحاب النزل أو المطاعم لجذبك لمحلاتهم. من المهم إذاً مراقبة سمعتك على الشبكة، ووضع استراتيجية للرد على انطباعات زبائنك سواء كانت جيدة أو سيئة! حتى وإن كان الزبون غير راضٍ البتة على الخدمة التي قدمتها له وترك انطباعاً سيئاً على مواقع التواصل الاجتماعي، فقد لا يعمل معك ذاك الزبون مجددا ولكن متى رددت بشكل سليم، أولئك الشراة المحتملون الذين لم يسبق لهم التعامل معك، متى قرأوا تعليقك سيدركون بأنك تهتمين بزبائنك، وهذا الأهم!

حظا سعيدا في التصدير. أود أن أختتم هذا المقال ببعض عبارات التقدير لجميع النساء المبدعات العاملات وكل النجاح في بيع منتجاتكن في سوق التجارة العالمية.

 ليلى بن قاسم، رائدة أعمال تونسية، مؤسسة ومديرة شركة بلوفِش، ودار بن قاسم. تعمل ليلى على خلق ديناميكية اقتصادية تتوافق مع التراث من خلال تنمية حركة شعبية يقودها الطلاب والطالبات، ونشطاء التراث، ورجال ونساء الأعمال في المجال الثقافي لاستعادة حيوية المدن في جميع أنحاء تونس

1 comment

Post A Comment